مسجد وضريح الإمام الشافعى أحد أبرز المساجد الأثرية في القاهرة، والذى تبارك به الفاطميون فأصبح أيقونة العشق الروحانى بين المصريين حيث يزوره المريدون من كل حدب وصوب، ويتباركون به، ويقع المسجد في شارع الإمام الشافعى في القرافة الصغرى.

وحسبما كتبت أماني إبراهيم بموقع صحيفة المصري اليوم يرجع مسجد الإمام الشافعى إلى صاحبه أبوعبدالله محمد بن إدريس الشافعى المُطَّلِبى القرشى، «بحر العلوم الإسلامية» وثالث الأئمة الأربعة عند أهل السنة وصاحب المذهب الأشهر في العالم الإسلامى. ولد الإمام الشافعى في غزة عام 150 هجرية.

وانكب على طلب العلم منذ صغره فحفظ القرآن الكريم وسنه سبع سنوات فقط، كما أنه حفظ الأحاديث النبوية الشريفة وأخذ بقواعد اللغة العربية وتعلم الشعر والأدب وتفقه في العلم ونبغ في الفقه، حتى إنه أفتى الناس في الدين ودرّس لهم وهو لم يتجاوز الخمسة عشر عامًا.

أول من بنى مسجدا على ضريح الإمام الشافعى هم السلاطين الأيوبية وأولهم السلطان الكامل الأيوبى الذي دفن بجواره في عام 1211م و608 هـ، وهو من بنى القبة بشكلها الحالى، والتى بناها حبًا في الإمام الشافعى، وبلغت تكاليفها 50 ألف دينار مصرى بحسب «المقريزى»، وكانت أول بناء ضريحى بعد العصر الفاطمى، ثم جددها على نفس هيئتها السلطان قايتباى الذي كان مريدًا عند السيد الدشطوشى.

ثم جددها أيضًا السلطان قنصوه الغورى، ثم جددها على بك الكبير من نفقته الخاصة عام 1772م والذى جدد ما بها من خشب وجدد نقوش القبة من الداخل بالذهب والأصباغ، وهو الذي أزال ألواح الرصاص الفضية اللون من على القبة التي كساها إياها السلطان الكامل الأيوبى وأبدلها الألواح الخشبية الحالية. 

ثم أعاد عمارة المسجد السلطان صلاح الدين الأيوبى، أما المتبقى من عمارة السلطان صلاح الدين الأيوبى في المسجد فهو المقام ذاته، فالخشب ومقصورة المقام والنقوش كاملة جميعها تعود لصلاح الدين الأيوبى، ثم دخلت بعد ذلك عمارة المماليك والعثمانيين وغيرهم، وتم تجديد الضريح من قبل السلطان قايتباى، قبل أن يجدده الأمير عبدالرحمن كتخدا، الذي أنشأ سبيلًا على يسار باب القبة.

كما تعد قبة الإمام الشافعى من أجمل القباب التي بنيت وأقدم قبة خشبية بنيت في مصر، ويزيد من أهميتها أنها ترجع إلى العصر الأيوبى، وكانت القبة الضريحية للإمام الشافعى طوال العصور موضع التقدير والتعظيم من سلاطين مصر وملوكها وأمرائها؛ فالسلطان المملوكى قايتباى قام بإصلاح وتجديد القبة عام 885هـ/ 1480م، وأجرى السلطان قانصوه الغورى أعمال إصلاح وتجديد بالقبة.

ويعد أكثر ما يميز القبة الضريحية للإمام الشافعى «العشارى»، وهو مركب صغير من النحاس مثبت في هلال القبة، تتدلى منه سلسلة حديدية، اختلفت الآراء في سبب وجوده، فقيل لوضع الماء والحبوب للطيور، وهناك رواية أخرى تقول إن المركب كان رمزًا لعلم الإمام الشافعى، باعتباره بحرًا للعلوم وهو الرأى الأكثر انتشارًا.

مِن أبرز مَن دفنوا في ضريح الإمام الشافعى من أسرة صلاح الدين الأيوبى زوجته الملكة «شمسة»، وابنه «العزيز عثمان»، كما دفن فيه أيضًا الملك «الكامل بن العادل»، وفى الضريح أيضا مقابر أولاد «ابن عبدالحكم»، والعديد من كبار مشايخ وأئمة المذهب الشافعى.

Leave a Reply

Discover more from

Subscribe now to keep reading and get access to the full archive.

Continue reading